#إلى_سورة_الكهف
..
(وأما الغلام) ... بعض النفوس تزور وترحل..هذا قدرها، تمتع بها وتغيب عنك.. يستردها صاحبها ويأخذها معطيها، ليبلوك ويحبوك صابرا، وليمنحك تخليصا لقلبك من التعلق وتمحيصا، وليكتب لك رفعة وتكفيرا عن ذنبك بتفويضك..
(لمساكين يعملون في البحر)
هؤلاء بسطاء عاديون جدا... لكن ربهم يدبر لهم ما لا يتصورون.. ربهم ليس غافلا عنهم..
سبحانه يريك أن أغلب تدبيره هنا ليس خرقا للسنن التي وضعها لك، وأنه تعالى إنما يصنع المعجزات والآيات الخارقة للنواميس لأسباب محددة ويضعها للبشر كعلامات عبر الأيام.
المؤمن يبصر الإعجاز في التدابير والسنن ومواطن اختيار القدر وعواقب الأمور والميزان .. ويسجد، والكافر لا تقنعه حتى الخوارق.. ويجحد، لأنه أصلا معرض مرتاب ظلوم لا يخلص ولا يصدق في نيته، ((ولو ردوا لعاد لما نهي عنه))...
والمؤمن كل أمره خير مع تلك الأحوال، وأما الكفور فأمره كله شر، فهو بين سخط للضر أو جحود ونكران للفضل في النعمة ...
المؤمن يتلمس البشر واليسر ومكامن الألطاف، ويلوم ذنبه ونزغ شيطانه عند العتاب.
وأما الكافر فقد يعمى حتى عن المنن الظاهرة الباهرة، ويفتش عن النواقص والمطامع و المستحيلات والهواجس، ويكابر حتى في الكبائر عنده، ويبرئ نفسه ويعذرها فيها، ويحب أن يمدح ويحمد بالباطل.
#إلى_سورة_الكهف
(فأردت أن أعيبها)
المشكلات قد تفيد، وتكون نعمة كامنة معجلة باطنة أو مؤجلة، هؤلاء المساكين في مركبهم.. كانت نجاتهم في حدوث مشكلة. كان ضمان رزقهم إنما هو في حدوث نقص وعيب ومصيبة....
إذا فالتلف ليس دوما شرا! لا تحزن على الآنية والدابة والأبنية....
والموت نفسه هنا لم يكن غضبا من الله عليهما بحرمانهما، ولا على الغلام... وقال بعضهم لعله ستر لنفس الغلام كذلك قبل أن يحق عليها العقاب...
#إلى_سورة_الكهف
خلقت مفتنا، قابلا للنسيان ولقلة العزم، وجبرك ربك بالتوبة والرحمات ومضاعفة الحسنات، وبالزاد الذي لا ينقضي.
خلقت قابلا للضعف المعنوي (خوف وقلق وبخل ويأس وهياج وتسويل نفس) وكل يوم ترد الوساوس عن خاطرك بتقرير الحقائق ..
كل يوم تعيد لذهنك ما يذهبه الشيطان بذكر ربك.
الترتيب والإلزام في الصلوات والذكر يبرمجان حالة السيولة والرخاوة والهلامية، ويقدمان لك طوق نجاة وجدولا، وإطارا نافعا مريحا، بدل التشرد والشعث الذهني والشعوري والخواء..
(هل أتبعك)
نبي كريم صلى الله عليه وسلم يترك كل شيء... البلد والعائلة ويرحل لطلب العلم .. ويطلبه مخلصا لا للمباهاة...
ولم يطلب علما جاهزا يلقى إليه وحيا، ولا موجزا ملخصا، بل تأدب... ولم يعتد في دعائه....
الفهم يمنح المعنى ويبين الغاية، ومحور الشغل والانشغال يرقى بك أو يهبط معك...
السبب هو الوسيلة التي ترتفع بالنية وتنحط بتلوث النية...
قد تكون غلاما عاديا، مساعدا كيوشع، وأنت أصلا ولي قادم .. عليه السلام..لا يلزم لك وضع ومظهر باذخ لتكون نبيلا مقبولا.
السببية درس رمزي في هز الشجرة، وحقيقي في بناء الردم، فالحياة قائمة ولن تلغى سننها عادة..
ضياع الحوت حدث عادي في ظاهره، وعفوي في طريقته، لكنه خاضع للقوة العلوية التي لا شيء عندها إلا بمقدار وعلم وحساب.
موقف عارض تحول لمعنى وحصل لقيمة، وكان هنا للتعرف على مكان الخضر، فلا تتهاون في التدبر لفعل ربك بك، وحاسب نفسك وتذكر معيته وقيوميته، واعبده تعالى كأنك تراه ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق