الخميس، 7 يونيو 2018

كيف يسكن الرضا في القلب . الرضا بقضاء الله.- ١-

منقول...

كيف يسكن القلب الشعور بالرضا ؟

اللهَ سبحانهُ وتعالى يُلقي في روعِكَ الرِضا ، فإن رآكَ مستقيماً, إن رآكَ مُخلِصاً, إن رآكَ مُنيباً, إن رآكَ مُحِبّاً, ألقى في قلبِكَ الرِضا بقضائِهِ وقَدَرِه.

 على كُلٍ؛ الرِضا بالقضاء والقدر لهُ جانب كسبيّ, يعني أنتَ إذا عرفتَ اللهَ عزّ وجل, وعَرفتَ حِكمَتَهُ, وعَرفتَ عدله ورحمتَهُ, تستنبط استنباطاً ثابِتاً: أنَّ الذي أصابَكَ محضُ حِكمةٍ, ومحضُ رحمةٍ, ومحضُ عدلٍ, فجانب من الرِضا كسبيّ وجانب مِنهُ وهبيّ

ومن أعظم  أسباب حصول الرضا     :

أن يلزم ما جعل الله رضاه فيه . فإنه يوصله إلى مقام الرضا ولا بد .

قيل   ليحيى بن معاذ     :
متى يبلغ العبد إلى مقام الرضا ؟
فقال : إذا أقام نفسه على أربعة أصول فيما يعامل به ربه ،
فيقول :
إن أعطيتني قبلت . وإن منعتني رضيت . وإن تركتني عبدت . وإن دعوتني أجبت     .

وقال أحد الفضلاء
أنا لا أختار شيئًا, أحب ذلك إليّ أحبه إلى الله.

طفل صغير, رأى صديقَهُ يتلقّى ضرباتٍ من والِدهِ, يقول هذا الطفل الصغير: هذا الأب ظالم، أمّا إذا كُنتَ أباً, وتعرِفُ مشاعِرَ الأب تجاهَ ابنِهِ, وحِرصَهُ على أخلاق ابنِهِ, وحِرصَهُ على مستقبل ابنهِ, ورأى ابنَهُ منحرِفاً قليلاً فأدّبَهُ, فالأب يُفسّر التأديب لا على أنهُ ظُلم, ُفسّرُهُ على أنهُ رحمة وحِكمة وعدل وحُب وتربية،

فكُلما ارتقى مستواكَ الإيمانيّ ارتقى مع مستواكَ الإيمانيّ رِضاكَ عن الله عزّ وجل.

   لذلك قالوا: من رضي عن ربِهِ فقد عَرَفَهُ, ومن عَرَفَ ربَهُ رضي عن ربِهِ.  يعني الرضا عن الله علامة معرِفة, ومعرِفةُ الله عزّ وجل تُثمِرُ الرِضا, علاقة تقابِل.

ليسَ معنى الرِضا أن لا تتألمَ من المصيبة، المُصيبةُ مُصيبة, والمُصيبة مؤلِمة, والذي يتألّم ما فعلَ شيئاً خِلافَ الشرع، لكن هُناك ألم محفوف بالرِضا والتسليم لقضاء الله وقدرِهِ، وهُناك ألم محفوف بالسُخط، فالعالِم يتألّم ويرضى, والجاهل يتألّم ويسخَط, أمّا التألّم شيء واقعي.
 
 ليست البطولةُ أن تنجوَ من كُلِّ مصائبِ الدُنيا, لا, لأنَّ اللهَ عزّ وجل شاءت حِكمتَهُ أن تكونَ الدُنيا محفوفةً بالمكاره.

 مثلاً: طفل على كُرسي طبيب الأسنان, وفي سِنّهِ ألمٌ شديد, ولا بُدَّ من قلعِ هذا السِن, ولا بُدَّ قبلَ قلعِ هذا السِنِ من مُخدّر, ولا بُدَّ لهذا المُخدّر من حِقنة, حينما يتألمُ الطفلُ, يرفضُ أن يبقى جالساً, وقد يصيح, وقد يتكلّم كلاماً غيرَ لائق, لماذا؟ لأنهُ لا يعرِفُ أنَّ الطبيبَ يعملُ لِصالِحهِ، ولا يعرِفُ أنَّ هذه الإبرة بعدَ قليل سوفَ تُنسيهِ الألمَ الطويل.

 

كُلما كانَ عِلمُكَ باللهِ أكبر, كانَ رِضاكَ عنهُ أشد, وكُلما كانَ هُناكَ جهلٌ باللهِ عزّ وجل, كانَ معَ الجهلِ سُخط, يُمكن أن نجمعَ بينَ العِلم والرِضا, وبينَ الجهلِ والسُخط، والإنسان حينما تُكشفُ لهُ الحقائق, وحينما يظهرُ لهُ أنَّ كُلَّ أفعالِ اللهِ حكيمةٌ ورحيمةٌ وعادِلةٌ, وأنهُ لم يرضَها في حينِهِ, وأنهُ سَخِطَ على اللهِ مِنها, عندئذٍ يتألّمُ أشدَّ الألم

    

ولعل دوام الذكر والتدبر والتعلم ودوام محاولة الترقي مما يستجلب الرحمة والرضا

وكتبَ عُمرُ بنُ الخطاب -رضي اللهُ عنه- إلى أبي موسى الأشعري -رضي اللهُ عنهُما-:

أمّا بعدُ؛ فإنَّ الخيرَ كُلَهُ في الرِضا, فإن استطعتَ أن ترضى وإلا فاصبر.

الرضا جنة الدنيا ، ومستراح العارفين ، وحياة المحبين ، ونعيم العابدين ، وقرة عيون المشتاقين . 

....منقول....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق