لغتي فاقت اللّغات جميعاً * واستقلّت بقبضة الصولجان
كلما مرّت السنون عليها * تتجلى بثوبها الأرجواني
وهي مهما تجافت الناس عنها* لغة السحر والنهى والمعاني
أيها النّاطقون بالضّاد صونوا * أرضكم من طوارق الحدثان
وحين يترك لغتنا أهلها، ويسعى غيرهم لتعلمها والتأمل فيها، وهي أعمق اللغات السامية وإن تأخرت كتابتها فهي لم تخسرهم بل خسروها، والحرب قديمة على اللغة والهوية والديانة، ومن لا يفهم الماضي القريب والبعيد، فلن يستوعب اليوم الحاضر ولا الغد الأتي، ولن يدرك ما بهما، وهكذا نحيا في دائرة كالساقية الجافة، ونستورد لغة انجليزية ونستنبت كلمات عامية، ونعاني الظمأ ولدينا أطول أنهار الدينا وأعذبها، ونبحث عن تنمية بشرية وبرمجة لغوية في تجارب تخرج بربع ما جهلناه من وعظ وحكم وأمثال عربية،
فماذا جرى لنا وكيف استعذبنا القذارة لأننا لا نشاك فيها شوكة! في مصالحنا وأوقاتنا..وتركنا الورود لأن في سيقانها خدشا..
فتذكريني يا منابتَ حكمتي .. وتذكريني يا مقاعدَ صَبوتي
وإذا ذكرتِ خواطري وعواطفي .. لا تذكري عبثَ الصِّبا بكهولتي
وحين زارنا الغرب منذ أقل من مائة سنة وبدأ بنوه -من حرام جوارينا- يدعون لترك اللغة ثم لترك الكتابة بالأحرف العربية للرومية ثم بترك الفصحى للعامية وهزمهم الأدباء النبلاء بالعقل والحجة والدليل, وبالقلب السليم وماتت الدعوة وصمدت اللغة وثبتت الأحرف, لم يعدم الخير حاملا، ونحن اليوم بحاجة لمثل هذا العبير الذي بثوه لتزول الجاهلية اللغوية بل والعقلية المسطحة الممسوخة وتهزم بالأدب الراقي كما يهزم النسيم رائحة النتن ويشتتها ...
لغتي عُرى قومي فإن أهملتُها ... أَوهنتُ في الأوطان أوثقَ عُروة
فتعلموا لغة البلاد وبعدَها ... ما تبتغون من اللغات الحيّة
لغةُ البيان وحسبها آدابُها ... وغِنى ذويها بالمبادي الحُرّة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق