الجمعة، 23 ديسمبر 2022

يحول بين المرء وقلبه.. التفسير.. الطبري والظلال..

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ... 

سورة الأنفال

وفي الظلال.. مختصرا/

( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) . . 

استجيبوا له طائعين مختارين ؛ وإن كان الله - سبحانه - قادراً على قهركم على الهدى لو أراد : 

( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ) . . 

ويا لها من صورة رهيبة مخيفة للقدرة القاهرة اللطيفة . . ( يحول بين المرء وقلبه )فيفصل بينه وبين قلبه ؛ ويستحوذ على هذا القلب ويحتجزه ، ويصرفه كيف شاء ، ويقلبه كما يريد . وصاحبه لا يملك منه شيئا وهو قلبه الذي بين جنبيه ! 

إنها صورة تستوجب اليقظة الدائمة ، والحذر الدائم ، والاحتياط الدائم . اليقظة لخلجات القلب وخفقاته ولفتاته 

 . . والتعلق الدائم بالله - سبحانه - مخافة أن يقلب هذا القلب في سهوة من سهواته ، أو غفلة من غفلاته ، أو دفعة من دفعاته . . 

ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو رسول الله المعصوم يكثر من دعاء ربه : " اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " . . فكيف بالناس ، وهم غير مرسلين ولا معصومين ! 

  

إنها صورة تهز القلب حقا ؛ ويجد لها المؤمن رجفة في كيانه حين يخلو إليها لحظات ، ناظرا إلى قلبه الذي بين جنبيه ، وهو في قبضة القاهر الجبار ؛ وهو لا يملك منه شيئا ، وإن كان يحمله بين جنبيه ويسير ! 

صورة يعرضها على الذين آمنوا وهو يناديهم : 

( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) . . 

ليقول لهم : إن الله قادر على أن يقهركم على الهدى - لو كان يريد - وعلى الاستجابة التي يدعوكم إليها هذه الدعوة ، ولكنه - سبحانه - يكرمكم ؛ فيدعوكم لتستجيبوا عن طواعية تنالون عليها الأجر ؛ وعن إرادة تعلو بها إنسانيتكم وترتفع إلى مستوى الأمانة التي ناطها الله بهذا الخلق المسمى بالإنسان . . أمانة الهداية المختارة ؛ وأمانة الخلافة الواعية ، وأمانة الإرادة المتصرفة عن قصد ومعرفة . 

( وأنه إليه تحشرون ) . . 

ومختصرا مما قال الطبري رحمه الله تعالى:
 
.
* * *

* يحول بين المؤمن وبين الكفر, وبين الكافر وبين الإيمان.

 يحول بين الكافر وطاعته, وبين المؤمن ومعصيته.

 يحول بين المرء وبين أن يكفر, وبين الكافر وبين أن يؤمن. .
* * *
وقال آخرون:

 يحول بين المرء وعقله, فلا يدري ما يَعمل.

: يحول بين قلب الكافر, وأن يعمل خيرًا.
* * *

: يحول بين الإنسان وقلبه, فلا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلا بإذنه.
* * *
وقال آخرون:
 أنه قريب من قلبه، لا يخفى عليه شيء أظهره أو أسره.

* * *
 
.. والكلام محتمل كل هذه المعاني..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق