حول : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ...هل أقبل التعدد لابنتي والمتقدم به فارق سن وفارق ثقافي أو ما شابه...
الجواب من حوار في عجالة للفائدة:
بارك الله فيكم ورضي عنكم ، أرجو التأني والصبر منعا للندم...
فلا تقنعها بالضغط أو الإلحاح وإيهامها أنه الحق، وللو كانت متحمسة فلا تقبل منها أول شعور عابر وراجعها مليا قبل الخطوة للتثبت..
كثيرا ما دخلنا في مشاكل زيجات...ولابد أن نعتبر ونتعظ ونأخذ درسا ..
السنة المطهرة لا تقول اقبلوا كل صاحب خلق ودين دون استثناء ....
بل السنة فيها روايات رفض الزواج لأسباب معيشية تخص سياق المرشحين وحالتهما -ورفض لنمط معيشة - ورفض بسبب طباع - ورفض لصغر السن....
وحديث إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه.. حديث قال بعضهم:ضعيف: ضعفه البخاري وابن القطان والذهبي .......
ولما خطب أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فاطمة عليها السلام قال النبي صلي الله عليه وسلم إنها صغيرة، ولم يقبل رغم كفاءتهما دينا.... فهي صغيرة نسبة لهما.. والحديث رواه النسائي (3221) وغيره.. عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بريدة ----وبوَّب النسائي على الحديث بقوله: تزويج المرأة مثلها في السن،-- فهو عنوان واضح فقهيا ...
" قال الإثيوبي: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم : ( إِنَّهَا صَغِيرَةٌ ) : أي وكلّ منكما لا يوافقها في السنّ،
والمقصود من النكاح دوام الألفة ، وبقاء العشرة، فإذا كان أحد الزوجين في غير سنّ الآخر ، لم يحصل الغرض كاملاً ، فربّما أدّى إلى الفُرقة المنافية لمقصود النكاح"
قالوا "ويؤخذ من الحديث أن الموافقة بين الزوجين في السن أو المقاربة تراعى عند الزواج؛ لكونها أقرب إلى الائتلاف بين الزوجين، وأدعى لاستمرار الزواج وحسن العشرة، ولكن قد يترك مراعاة ذلك لمصلحة أعلى وأكبر كما في زواج النبي – صلى الله عليه وسلم- من عائشة – رضي الله عنها- فقد دلت الأحاديث أن زواجها كان عن طريق الرؤيا، ورؤيا الأنبياء حق، كما أنها ابنة وزيره الأول وتكررت الرؤيا ثلاث مرات
"- فيقول: هذه امرأتك، فاكشف عن وجهك، فإذا أنت هي، فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه، وهذا لفظ صحيح مسلم"
" وقد حصل في هذا الزواج خير للأمة -فحفظت السيدة عائشة رضي الله عنها.. عن النبي – صلى الله عليه وسلم- كثيراً من أقواله وأفعاله، وأحواله، وبلغت ذلك للأمة أتم البلاغ"
ولما خطب معاوية وابو جهم امرأة فَقَالَ لها
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ
تَرِبٌ ، لَا مَالَ لَهُ ، وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَرَجُلٌ ضَرَّابٌ لِلنِّسَاءِ ،
وَلَكِنْ أُسَامَةُ بْنُ زَيْد.. رواه مسلم (1480)
ولا تعارض بين رواية تزويج صاحب الدين وبين تفضيل
صاحب الدين الميسور وسلس الطباع والمستقر...
لإمكان التوفيق بينها .
فتزويج صاحب الدين والخلق يعني أن يكون الدين والخلق مقدمين على المال والنسب- ورفض من رفض من أجل فقره لا ينافي أن البديل صاحب دين ولكنه ليس فقيرا ولا ضرابا للنساء ولا كثير السفر والابتعاد عن زوجته...
مرقاة المفاتيح" (5/2176) :
"قوله صلى الله عليه وسلم : (لَا مَالَ لَهُ) : ...
وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ ،...
وَفِيهِ تَصْرِيحٌ مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى جَوَازِ ذِكْرِ
عَيْبٍ فِي الزَّوْجِ ، لِتَحْتَرِزَ الزَّوْجَةُ مِنْه ُ، لِئَلَّا تَقَعَ
الزَّوْجَةُ فِي الْمَشَقَّةِ" انتهى .
وفي "المنتقى شرح الموطأ" (4/106) :
"وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ
فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ ) رَاعَى فِي ذَلِكَ حَاجَةَ النِّسَاءِ إلَى الْمَالِ
يَكُونُ عِنْدَ الزَّوْجِ ، لِمَا لَهُنَّ عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ ،
وَالْكِسْوَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ " انتهى .
فمراعاة تناسب السن وحال التعدد والطلاق وأخذهما بعين الاعتبار ليست شرا محضا، ومن الممكن في استثناءات معينة وظروف موازات بين مصالح ومفاسد قبول الاستثناءات ...
هذا غير ورود روايات الفسخ المشروع لأسباب نفسية..
وغير وضوح مسألة وجوب أخذ رأي العروس للقبول الذاتي وكونه ركيزة..
- وجزء من المشكلة أن أغلب الناس لا كبير لها-على الحقيقة—يعني ليس لها حوكمة دينية فاعلة ناضجة -أو قاض محترم مسموع الكلمة وقادر على إنفاذ طاعته وأمره وملزم للكافة بشكل ناجز وعادل ورؤية بصيرة لا مجرد شكل عام ---
لهذا فمحور الارتكاز كله أخلاق واحترام ووعي الرجل وتناسب الطبع وعوامل اللياقة الذهنية والمعيشية ----وتربيتهم النفسية قد تختلف فتتشاكس الأنفس– فيراعى منبت كل طرف وما هو ذاهب إليه
فمن الممكن أن يكون إعمال النص دون مراعة بقية النصوص أمرا من الغلو يضخم المشكلة ويكون لدينا جيل مطلقات وأولاد مشردون—
وأغلب الذكور لا يتحملون مسؤولية أحد - إذا كان الذي تزوج منذ عشر سنوات ويطلق تجده يتخلى بلامبالاة- يعني لابد من التريث والاستشراف لنتيجة الخلافات الافتراضية... فلو كان هناك عامل مشترك متفق بينهم يجبر العوامل الناقصة كان ممكنا الإكمال—
والكلام عام عن الغالب، أما كل حالة فقد يكون لها ملابساتها وظروفها وتميز أحد الطرفين أو كونه مميزا حقا وغير ذلك
فرأيي أن ننتظر مرور وقت كاف للنضج، ولعل فرصا أخرى..
وهذا ليس رأيا جامدا بل لأسباب تختص بواقعنا وبيئتنا لم تكن موجودة سابقا-- ظروف دينية و مجتمعية وقانونية --- وجو الحياة والشغل اليومي الذي ستتنتقل له العروس ...
وهذا التكافؤ وتلك اللياقة النسبية مرعيان عند أهل العلم..منعا لتكرار مآسي ان تعود بعد سنة محطمة وبطفل مشرد—لأن الناس تختلف بعد سكرة الفرح والبهجة-- خاصة مع التعدد وانها ليست محل اهتمامه الأول == فلابد من التؤدة ووزن الأمور بالمآلات والعواقب والصورة الكلية.