تطالب هؤلاء بفصل الحزب عن الجماعة، والدخول في شرايين الحضارة المتوحشة أكثر فأكثر..
اطمئن ليس لديهم ما يتنازلون عنه سوى الدم …
لكن يا أخي هذا الحزب العلماني غير مفصول عن الجماعة العلمانية، ولا عن الغرب ..والحزب اليساري غير مفصول عن الجماعة اليسارية، ولا الحزب الناصري ولا السلفي.. من ناحية العمق..
وأما تطبيقيا، ومن حيث البيان، فالمرجعية الإخوانية والسلفية العصرية كلها باتت ذائبة ومزدوجة، وعلمانية بلحية،
والجماعة دخلت في الحزب لا العكس، ومن قبل نشأة حزبها، وهي مقولبة ككيان نقابي وحزبي غير أصولي بالمرة،
والممارسات والغايات التي تسوق لها الجماعة تضع أحلاما عبثية، تداعب المحبين لراية الإسلام بدون تكلفة باهظة ، وتدعي إمكانية الوصول للجنة وللنهضة في آن واحد بدون حصار وصراع وابتلاء وصدام ومعارك داخلية وخارجية وبقضم الجاهليات تدريجيا، على أساس أن الجاهليات ستتركها -خوفا من الراديكالية البديلة -تتفرج داخليا وخارجيا... …
وهذه الوعود الإسلامية تدعيها وتسوقها للبسطاء في خطاب مزدوج، غنوشي البيان اردوغاني الإغراء، بالدماثة والأمانة ، نصفه الآخر المناقض تقوله للعلمانيين والغرب والنصارى والممثلين والجيوش لطمأنتهم .... فالشركيات والمكفرات والكبائر حريات شخصية والدين صوفية قلبية والعولمة مرجعية، وتدعي القيادات إمكانية حصول الحلم الإسلامي ، رغم كونها تقدم برامج محاصرة مقننة برقابة الدستورية وتتنفس بحساب …
فأنى لهذه الأحلام التي تدغدغ المشاعر الحصول، وهي محكومة بلجنة شؤون الأحزاب، وبالجيش فوق الرقاب، وبالإشراف والرعاية من كفيل محلي وإقليمي ودولي….
ولاحقا يتم تفريغ الحلم من محتواه الحقيقي ومن جوهره المتبقي.. فتصبح العقيدة مذهبا كلاميا فلسفيا نسبيا، والدساتير والقوانين اجتهادات والردة فقهيات والشرع مقاصد مفتوحة ومصالح مخلوعة الأبواب والدولة الحديثة بديل وائتلاف الطواغيت بديلا للخلافة..
إذا فالمشكلة ليست في هذا الكيان، ولا فيما جاء به، بل فيما وراءه، وفيما وراء من يرفضونه… فهم لا يرفضون النموذج.. بل تبعاته ورمزيته وشغافه… ولنخرج من هذا التيه الذي ضلت فيه الأمم، ولنقدم رؤية ..فلننظر للصراع كله…
فلنتفق أولا ما هو التوحيد وما هو الإسلام وما هو التنوير، ولماذا لابد من أمركة المدنية الحديثة ونفي المطلق مثلها… من قال هذا! ، ولنتفق ما هي الجاهليات المظلمة ..
وما الذي فقدناه كشتات أمة، أو كقصعة عملاقة، تداعى اكلتها وشبعوا، وعينوا السفرجي .. ثم لنتفق كيف نستعيده…
الانحراف الأخلاقي والانهيار الحضاري والفساد السياسي والشقاق وكل العلل نتائج لتدهور تدريجي، لابد من فهم جذوره،
والخراب العقدي والمنهجي والفكري والعقلي والاقتصادي والنفسي! نتاج لغياب سياج مناعي من المفاهيم الإسلامية والإنسانية والكونية، ونتاج لخلل فكرتنا عن السنن الربانية، ونتاج لغياب السياج الحامي من القوى المادية والمعنوية… وهذا لابد من تحديده واستعادته وصيانته ليحمي ما بداخله … وهو لم يغب فقط ، فقد استبدل بنقيضه وضده… وصار الخير معابا ومذموما ومحاربا داخلنا قبل أن يكون خارجنا…
النصيحة لهم ولأنفسنا إذا ينبغي أن تبدأ بالتوبة من الغرق في التصور العلماني اللاديني، التصور الخاطئ عقديا بلا شك،
والتوبة -عمليا وبالبيان الواضح -من حقب التميع والذوبان والضبابية والهدهدة والتربيت والاستجداء ،
والتراجع عن الوسطية الزائفة المتمثلة في إنكار لوجود نواقض للإسلام أصلا .. فضلا عن كونها مذهبا ماديا حاكما مشهرا ومدسترا ومقننا ومتفشيا وممارسا ومتشربا… على كل صعيد.. ،
والتوبة من مجاراة المقامرة المسقوفة، المحكومة منهجيا، باللهاث خلف الديمقراطيات الليبرالية محددة المدخلات والمخرجات..التوبة من أسلمتها صوريا…وفكرة فرعون والنمرود وليا أمر يطاعا في المعروف.. وليسا طاغوتين..
وعلى كل حال،
ولو دعونا لفيدرالية وكونفيدرالية أو مصالحة شاملة وعدم تعرض ووقف الحملات التشويهية وصيانة الخصوصية لكل طائفة ، معلنين حريتنا الدينية والثقافية وبراءتنا من غياب الإسلام "عقيدة وصبغة وهوية وإطارا مهيمنا على الدساتير وحاكما ضابطا للإعلام والتعليم والثقافة وموجها للسياسات والتشريعات والقيم الحاكمة".. غيابا تاما وتناقضا بل وحرب عليه، باستثناء مسائل لذر الرماد في العيون كإسلام بونابرت وجنكيز خان والعبيديين.. فلا بأس.. إذا وضحنا الحق كأصحاب الأخدود… أو فلنصمت ولا ندلس ولا نلبس فصلح الحديبية ومؤمن آل فرعون لم يقروا الباطل على تداوله للسلطة بين المناهج… وليس بين البرامج... فلو بينا رسالة ربنا لوسعتنا الخيارات كافة.. ولنقم كما يقولون تعايشا بشكل غير اندماجي… فليكن حلف الفضول أو حكما ذاتيا أو ننال حق الأقلية على هذه القواسم الواضحة.. أما أن نميع ونضيع قضية الإسلام الكبرى ووضوح لوائه وتمايزه ومفاصلته عقديا وتعبديا وقضائيا وتشريعيا وسبيله وسنته في التدافع فلا.. وقد نظل في هذه الدائرة حتى يضطرونا هم لأحد خيارين بكل أسف، لأنهم لا يريدون غير ذلك أو الأسوأ والعياذ بالله، ويجعلون لله ما يكرهون..
من كان سقفه مجرد الرجوع للديمقراطية المجنزرة والعودة للدولة القطرية المعولمة المعلمنة، أو من كان أمله التوظف في أي حملة للعم سام لاثبات أنه ضد التطرف.. فكيف سيرى المستقبل؟! ..هو لديه أمله الخاص ومتكئ على دكة الاحتياط أمامه الجزرة التي يهاتفونه بشأنها لتعليقه، كما رحل مشرف بعد تخريب بلدين ووصلت بينظير وهكذا .....
من يقولون وما الحل: في داخل الإسلام نفسه بيان لكل شيء ، فيه توضيح للهدف والرؤية والمقومات والسبيل والخطوات والأمثلة والضوابط.. ، والطريق واضح في داخله، حين نعود إليه كاملا.. ،
.. إذا عرفت الحق أسرة فقد صارت مجتمعا صغيرا.. وإذا عرفه ثلاثة فقد صاروا كيانا وجماعة ومؤسسة صغيرة، وعليهم العمل تخصصيا واحترافيا، وعليهم معالجة المشكلة التي في السؤال الأخير، ودواء حالة التقاعس والانكفاء والتبلد،أما الفيسبوك فمجاله علاج الأمراض في الرؤية والتصور لا غير…
ولا زال هناك الكثير من الدخن والغبش لدى الكثيرين.. ، لهذا ننصح، على إثر كل حوار.. فشبكات التواصل وسيلة تواصل للبيان والحوار ، وكل أمة لها غايتها وأجلها المعلوم ..وقدرنا العظيم ونعمة الله علينا هي الإسلام، وقد طالتنا الذلة لما تركنا رايته، وأدركنا الوهن حتى هنا،
وكل عاقل عليه أن يحاول النصح والبناء والتغيير العملي كذلك.. ، ويسعى نحو لملمة الشعث ... جمع الشتات ليس بالترقيع ولا التجميع ولا التمييع والتنازلات وترك كلمة التوحيد بل جمعا على الحق فهما وسعيا دؤوبا ، حسب قدراته التي منحها الله تعالى له والتي سيسأل عنها علما ومالا وشبابا، وهناك الكثير من أوراق العمل المنشورة والمنثورة ، والعديد من المحاولات والمبادرات المتعثرة، ومن محاولات تغيير الكيانات الكبرى وترشيد انحرافها وتقويمها كذلك ..
وغياب التجاوب والتكاتف ليس مدعاة للكف عن التذكير بميثاق العمل المفقود، وبالهتاف بالوعي المشوش، وهو أمر يتوازى ولا يتعارض مع إيجاد القواسم والبناء عليها بل هو جزء من عملية النهوض من التيه الديني والحضاري والنفسي! ،
وكل لديه ثغره ليقف عليها، حسب وضعه وما منحه الله من موهبة ومعرفة، فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب مبلغ أقوى من سامع، وأمثل حالا من سامع…. مثل قصة الغلام والراهب في تفسير سورة البروج…
وهناك دور لرد الذراع الفكرية التغريبية والمتأسلمة التي تميع من الداخل، وهو جزء من الدور الشامل للعمل المؤسسي ..
April 6, 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق