حوار:
قال لي:
هي فرصة للتذكير بهدم صنم الدولة اللادينية الطينية المعلمنة،
هذه الفكرة الصماء التي تمجد التراب على حساب العقيدة والروح ..بلا حساب،
ناس فتنت عن ملتها وجاعت وتعرت وتسقى ماء ملوثا وطعاما فاسدا، وشردت لتعمل في ظروف سخرة،
ومنظومتها التعليمية والصحية في الحضيض، وتهان من سلطتها بشتى الطرق
وحالتها الثقافية والسياسية خربة!
ثم يصيحون للتبرير أو للاستنكار من منطلق سيادتهم ورمزية علمهم الملون
وخطوط قلم سايكس وحق الأجيال... أنتم تورثونهم لعنة أضعاف ذلك
كل هذا يصح:
لكن ليس كل من تضايق منطلقاته وطنية،
ولا من باع باع لأنه إسلامي يؤمن بأن الحدود تراب
أو باع لأنه حقاني وعادل يؤمن بأن هذا ليس من حقه...
.. بل قد باع بشكل مفاجئ ومريب "وبكلفتة وكروتة"
لأنه يؤمن بالمادة ولا دين له سوى المال والجاه والمقعد،
طبعا في جانب خير آخر:
هو فضح سرقات وصفقات، وتبيين تفاهة واهتراء مفاهيم
القطرية الغبية أمام المنطق والدين والتاريخ ....،
وتنويه بالنظر للتاريخ
لنفهم الأقفاص المصنوعة لنا والقيم التي يحتكم لها العامة ،
وهناك جانب مهانة واضح ..،
وكشف التناقضات عموما غايته ليست التفاصيل وذات المعنى بل بيان
تهافت القيم لأن إسقاطهم وهزيمتهم معنويا جزء من البيان المطلوب....
وعامة هناك سياق عام محير هو ماذا بعد، هناك شيء كبير يعد، توقعات كثيرة قرأتها.
لكن..
دوما هناك لحظة كالقشة فوق البعير، وهناك فلسفة استثمار لها..كالتمرة أو ناقة البسوس...ليست هي السبب بل
إبرة مست بالون الاحتقان...
وبعض الغصة لدى بعضهم
هو في كوننا نعيش في أشباه الدول المحتلة المعتلة، ولا اعتبار لوجودنا في الموافقة والرفض،
حالة هوان عام وتجاوز يشملنا لضعفنا، وليس مهانة لذاتنا، نوعا ما..
وكوننا ينال من ديننا وأرواحنا وقوتنا وكرامتنا وحقوقنا داخل وخارج بلادنا كل هذا أكبر..
نعم كوننا ننال السخرية إقليميا وعالميا بسبب ذلك من المتفرجين ونشرب المجاري ونقبض ملاليم هوان...
ونعم نحن نخلص من الهوان نوعا حين نبرأ ونتميز وندرأ ونحاول.. قدر الوسع،
قالوا: غضبنا للتآمر وللسخف والتبديد، وليس لحدود ورسوم، بل هو سخط على الطرفين لكنه لا يشغل حيز تفكيرنا
وأنا متعجب من ضخامة الموضوع اعلاميا في الفيس ونفخ دوائر مغرضة فيه وتبنيها له!
رغم ابتلاعها لكفريات ودم ووو وكأن هذا قدس الأقداس أو أنها تبيت شيئا..وقد تقاطع المصالح هنا..
تتمة: رفض الحال لا يعني نبذه بالكلية، فالظاهرة أوسع وأكثر تنوعا ومآلا من غضب الدولجيين الجدد...
نعم :الغضب للقيم الدنيا المزروعة وللعصبيات والجاهليات هو من أعراض الانحطاط،
ولكن قدرا من الحس الفطري بانتقاص الأطراف لا شيء فيه بل غيابه تملص من مواجهة الفكرة، ويصح مناقشته واستثماره للفهم والعمل،
خاصة وأنها قطع تقضم خلسة دون نقاش وأن أثمانها ذاهبة لجيوب لا دينية، وتزاح للمجهول برعاية الخصوم، فكلها طحن غوغاء،
فلو كانت الأراضي ولايات لدولة تمثل الدين-زعموا- أو كانت أرضا لقبيلة تجاورها أخرى وجرى التنازع، لكان
فيها تقاض وظالم ومظلوم "ويل للمطففين" ...فالتطفيف يناقش رغم كون غيره من الضلال متفشيا،
لكن القضية ليست لأجل هذا كذلك ، كما أنها ليست لأجل الأول..،
فبيان تناقض المشرك قديما وحديثا لأنه أكل صنم العجوة المعبود
لا يعني أنه لو لم يأكله لكان خيرا له وكان منطقيا بالمطلق، إنما هو
كشف لعواره فقط في كل ما يدعيه من ديمقراطيات ووطنيات وو...،
مثله مثل بيان خطأ النصارى حين ابتدعوا الرهبانية لكن ما رعوها حق رعايتها،
أوليست هذه مقدساتكم المزعومة،
ومثل بيان تناقض اليهود حين أطاعوا التوراة في فك أسر قومهم كلما أسروهم، لكنهم لم يطيعوها
في تحريم إخراجهم أصلا...ومثل بين ضلال مشركي مكة حين نسبوا لله تعالى البنات،
فكان العتاب "ويجعلون لله ما يكرهون.." ..."أومن ينشؤ في الحلية " رغم أنهم لو نسبوا البنين لظل كفرا
...بيان التناقض والضغط لخلخلة المفاهيم الفاسدة وتوظيف السخط حتى لو لم يصحح بالكلية،
وتغيير أسس التفكير وما وراء ذلك ..
وأما من يقولون باستغلال اللحظة فقط، فهذا فقه آخر، مثل فقه التخذيل عن المسلمين وغيره..
وهذا لا يعني صحة الأحلام والمخدرات والتمادي فيها، فالبيان العام الممثل للإسلام
لا يتبدل لا في أساسه وأصله ولا في منطلقاته المعلنة ، بخلاف المسارات العملية لهذه الناحية أو تلك،
والقيم لا تنقض بالبيان، بل كما كان يجري قديما يقوم بالتعريض وغيره للإيقاع بالخصوم من لا ينتسبون للإسلام ظاهرا،
ولا يعني هذا صحة التقديس لأي قيمة سوى رابطة العقيدة إن وجدت..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق