حين يصير المنكر معروفا بل حقا مشروعا فلا تتوقع حدا ولا قاعا ...
لأن صاحبه يرى عمله الشيطاني أصلا مبررا أو مزينا، فلا يستحيي منه أبدا ... فلا يرده ضميره ووازعه عن الاستكثار والتمادي.
ولعله لأجل هذا الحال الأسود كانت حكمة وقوع اللعنة على القوم الذين لا يتناهون عن منكر فعلوه، فقد تجاوز هؤلاء القوم في القبح، إلى أن صيروا كل شيء ممكنا ولا بأس به وما شأنك أنت....، وبات كل فجور جائزا، وكل شر نسبيا، وكل ضلال متقبلا من مصدرهم البئيس.
.
فكيف يتوب المرء عندهم أو كيف يفيق الوعي الجمعي حينئذ مما يراه حسنا ويفعله على غير اضطرار ولا تحرج! أو يتركه يفعل به بكل تسليم وامتثال وحمية! بل يحلله فور إتيانه أو إثر رغبته فيه، أو عند ميل هواه لتشريعه بالمغالطات العقلية والنقلية...
كل هذا الإفساد على غير وجل من الله تعالى وبدون حتى تسويف أمل في الرجوع والتوبة، بل يتم بتنظير وصفاقة وعناد وضلال يحتجر التوبة لأنه يراها خطأ، كل هذا يجري بجحود يظل صاحبه يردده ويسمعه حتى يصدق نفسه، أو بالأحرى حتى ينسى نفسه بعد أن نسي ربه، وقال على الله تعالى ما لم يعلم، وعند هذا الحد يطمس على قلبه فيعلوه الران بما كسب.....فلم تقع اللعنة عليهم لمجرد فعلهم المنكربل لعدم التناهي عنه حتى صاروا كالأبالسة في جلود بني آدم..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق