ولماذا يهونُ عليهِ؟! يعرفُ ذاكَ منْ ذاقَ! فمنْ ذاقَ عرف.
لماذا كانوا يرفضونَ أنْ يعودوا لسابقٍ جاهلياتهمْ ولذتها؟ ما الذي يجبرهمْ على اختيارِ هذا الطريق الذي يبدو صعبا ولا يعودونَ حتى لوْ قذفتْ بهمْ في الأخاديدِ!
... لأنهمْ خلق خالطُ الإيمانِ بشاشةِ قلوبِهم فنورها وغيرها! ورفعها وأحياها.. نزلت السكينة الربانية العلوية التي لا ينزعها هوى ولا ينازعها هاجس.. ثبات من السماء في الصدور فأنى لقوى الطين طوله..
ليس هذا الحال محظورا ولا تعصبا لفصيل بل "ثلة من الآخرين" .... لو آمنت أي طائفة من الغرباء بالرب الجليل كما علم التنزيل، وتبرأت من كل ند بشري ومادي حقا بلا غلو وجمود في غير محله ، وبلا تفريط أو تمييع وتنازل وتبعيض، وامتثلت كما أمرت وقامت كما قرأت! بلا التواء ولم تبال: فهي من أهل هذا المقام الأرفع.. ألحقنا الله جميعا بهم..
قلوب سجدت فصعدت فسجدت لا تريد أن تبرح .. هذا شيئ ليسَ كأيْ جمالٍ دنيويٍ، ليسَ كأي شيءٍ يمكنُ وصفهُ، وقدْ قالَ معنى من ذلكَ هرقلْ، وقالَه تاما وافيا سيدْ الخلقِ - صلى اللهُ عليهِ وسلمَ - فمنْ وجدَ حلاوةَ الإيمانِ وذاقَ حقا سيرفضُ أنْ يعودَ للقفص في الحضيض.
وهكذا قضى اللهُ - عزَ وجلَ - أنَ أعلى درجاتِ ومقاماتِ العبوديةِ تخرجُ معَ هذا البذلِ الاختياريِ، ذروة السنام، ولأهل الأنسنة: كما أن هذهِ أعلى درجاتِ الإيمانِ فهي بذاتها أسمى درجاتِ الإنسانيةِ والاختيارِ الحرِ المكرم الذي ترتقي فيه الأنفس الطيبة على الأبدان.
ومنْ حكمتهِ تعالى أنْ أعلى درجاتِ الإبداعِ الدنيويِ والجمالِ والابتكاراتِ كلها تخرجُ منْ رحمِ نوعٍ منْ التحملِ والكبد يتعرضُ لهُ الإنسانُ فيخرجُ الألق الطيب بإذن ربه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق