“إن حقيقة الابتلاء هي التي تربط بين جانبي الجبر والإختيار في الإنسان. وتفسر وجودهما وتعللهما التعليل المقبول عقلًا.
وحقيقة الابتلاء هي التي تفسر وجود الشر على الأرض تفسيرًا مرضيًا معقولًا ومقبولًا.
إن حقيقة الابتلاء هي الموقع العالي الذي نفسر به ظواهر الحياة الدنيا وناموس الكون المخلوق ومصير الإنسان في الآخرة حسن عمله, تفسيرًا واضحًا جليًا.
إنها محور الحقيقة الإنسانية في وجودها الدنيوي الحالي ووجودها المستقبل الخالد.
إنها الحكمة التي خلق الله من أجلها العالم, وضع هذه الملحة الرائعة إنها المفسر الحقيقي للعلاقة بين الله سبحانه ومخلوقاته بعامة وبينه وبين الإنسان بخاصة. حيث تحدث أحداثه نتيجة تزاوج وامتزاج وتفاعل بين أفعال الشر والخير المختارة للبشر, وبين حتميات القضاء والقدر المتنزلة عليهم من السماء بناء على اختياراتهم في تجاربهم الابتلائية الفردية منها والجماعية.
ومن أن إغفالها من أي نسق فلسفي يؤدي إلى تخليط وتخبط وغموض شديد, ويلزم ذلك ذلك النسق بمآخذ شتى, وإلزامات فكرية كثيرة, كما يجعل فيه الكثير من المسائل المفتقدة إلى البرهان والدليل.
إن الشر في العالم المخلوق أو إبليس ليس سوى مجرد رسوب في الامتحان لمخلوقات تعرضت للابتلاء وفشلت فيه, والخير ليس سوى النجاح المقابل لهذا الرسوب. وإبليس أو غيره من شياطين الأنس والجن ليسوا سوى هذه المخلوقات الراسبة الخاسرة.”
فاروق الدسوقي, القضاء والقدر في الإسلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق