ملخص منقول ل: " هذا الدين" للفائدة..
منهج للبشر
منهج إلهي يتم تحقيقه في حدود إمكانيات البشر لأن عندما يصاب البعض بخلل ما أو يواجه شهواته يظن أن هذا التعارض مع المنهج هو قصور في المنهج ولكن هذا غير صحيح لأن هذا المنهج يحتاج إلي بذل الجهد البشري كي يصل بك كما - كما فعلوا في السابق - إلي الطريق القويم الصحيح ، قال تعالى : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)
ومن مميزات هذا المنهج أنه يأخذ في إعتباره القدرة البشرية ولا يصلح أحوال الناس بأشياء خارقة للعادة ولكن على قدر جهدك وعملك بالمنهج على قدر ما تحصل منه ومن ثماره ، وأوضح مثال على ذلك (غزوة أحد) فحينما ظن المؤمنون أنهم سينتصرون حتماً وابتعدوا عن المنهج للحظة جاءت المصيبة
2- منهج متفرد
ما حكمة العمل به وليس بمنهج آخر طالما هو يحتاج إلي الجهد البشري ؟
من مقتضيات لا إله إلا الله أن الله وحده المشرع الذي يشرع لعباده ويحكم في ملكوته..
هذا المنهج هو الوحيد الذي يعطي الحرية الحقيقية للإنسان بعبوديته لله وحده دون الخضوع لشيء آخر . هذا المنهج يخلو من أهواء البشر الذين قد يحابون أنفسهم او يحابون جنساً عن جنس أو شعباً عن شعب ولكن الله عز وجل لا يحابي أحداً عىل حساب أحد ولا جنساً على جنس ، وإنما الأفضلية بالتقوى لأنها المعيار الوحيد الذي يضمن الإحتكام إلي منهج الله وتطبيقه وكل تفسير آخر للوجود وغاية الوجود الإنساني من صنع الإنسان نفسه هو تفسير قاصر لأن الوجود أكبر من الإنسان فهناك إستحالة ان يضع الإنسان تفسيراً شاملاً له ، و لذلك تجد من السخافات والتصورات الغريبة عند الفلاسفة لأنه استخدم عقله في ميدان لا يطيقه وابتعد به عن مهمته الأساسية في الواقع وهو شأن الحياة الواقعية وهو مجال الخلافة في الأرض
هو المنهج الوحيد المتناسق مع الكون كله ومهما حاول الإنسان بمناهجه الأرضية فسوف يتصادم مع القوى الكونية الهائلة ولكنه حينما يتوافق معها وفق المنهج فإنه يستطيع تسخيرها ومعرفة أسرارها والإنتفاع بها ، قال تعالى : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)
بالرغم من التقدم العالمي في كافة المجالات إلا أنهم لم يصلوا إلي حقيقة الوجود الإنساني ولم يصلوا إلي السعادة ولكن حققوا الشقاء والامراض النفسية والبدنية لأنهم لا يبحثون عن إله واحد ويعبدون من دونه ألهة كثيرة كالمال والشهرة والعلم واللذة وغيرها ....
3- منهج ميسر
يدعي البعض أنه منهج مثالي وصعب تطبيقه ويحتجون بفترات الضعف والوهن في الخلافة الإسلامية وأنه أصبح منهج لا تطيقه الفطرة الإنسانية ، وهذا ليس صحيحاً بالمرة لأن هذا المنهج يعتمد على رصيد الفطرة السليمة عند الإنسان وليس مجرد قيود وكوابح ، فمن وجهة النظر الأخرى هو تحرر من الوقوع في أسر هذه الشهوات ، فالشهوة الجنسية مثلاً لا يعد ضبطها نوع من القيد ولكن هو التحرر من الوقوع تحت طياتها وتصريفها بنظافة الإسلام ودائرة الطيبات التي أحلها الله ، وكذلك الإيثار فقد يراه البعض أنه قيد على التمتع بالأشياء ولكنه في الحقيقة هو التحرر من الشح وسعة في الشعور بالخير العام والعطاء.
قال تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) ، ففطرة الإنسان على الخير ولكن الآثام والرذائل هي التي تقيده وتهبط به إلي الوحل والمنهج هو الذي يحررها من تلك القيود ، وبالتالي فالمنهج يكون يسيراً جداً حينما يطبق في أجواء إسلامية ويكون الأساس هو المنهج والإستثناء هو المنكر مع وجود وسيطرة الفطرة السليمة وشرع الله لا شريعة البشر تجد وقتها المنهج يسير جداً ومن يعاني بحق هو من يحاول كسر هذا المنهج او الخروج عنه بالمنكرات وغيرها .
4- منهج مؤثر
لم يكن هذا المنهج مؤثراً فقط في الأمة الإسلامية ولكنه أثر في البشرية كلها فقدم لنا هذا المنهج نماذج بشرية عديدة تمثلت فيها الإنسانية العليا وبدا كل من بجانبهم أقذاماً أو كائنات غير مكتملة الإنسانية ، وبالرغم من ذلك السموق والعظمة إلا أنهم لم يتخلوا عن طبيعتهم البشرية فكانوا بشراً يصيبون ويخطئون ، يمرون بحالات من الضعف وحالات القوة ، لم يكبتوا طاقة واحدة من طاقاتهم البانية ولم يكلفوا نفسهم فوق طاقتها ، ولا زال هذا المنهج قادراً في كل حين على أن يخرج لنا هذه النماذج كلما بذلت محاولة جدية في تطبيقه وتحكيمه في الحياة على الرغم من جميع المؤثرات المضادة لأن السر الكامن في هذا المنهج هو تعامله مع الفطرة السليمة ورصيدها المكنون الدائم.
ولذلك فإن الفطرة السوية تصطدم دائماً بأي نظام بشري يخالفها وهذا يدل على أن المنهج هو الواقع لأن النفس البشرية تشقى في واقعها بهذه النظم المصطنعة ، ولكن سرعان ما تنتصر الفطرة لأنها الأقوى والأثبت من القوة التي تفرض النظم الأخرى ، وهذا ما حدث في شبه الجزيرة العربية ولعل البشرية الآن أقرب إلي تحقيق هذا المنهج وذلك لأن هناك تجارب ناجحة سابقة بالفعل وهناك تجارب الشقاء والتيه والشرود عن المنهج فقد تكون هذه العوامل مساعدة على تطبيق المنهج الإلهي والصبر عليه في الجولة القادمة بإذن الله.
5- رصيد الفطرة
جاء هذا الدين وكان الواقع الأرضي بعيد كل البعد عن المنهج ويسند هذا الواقع ويدعمه قوى كبيرة وعتيدة وعميقة بعمق أحقاب تاريخية قديمة ، ولكن بفضل الله عز وجل الذي بعث لنا هذا المنهج لينتصر على هذا الواقع في أقل من ربع قرن برجل واحد فقط وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فوقف أمام قريش ثم الجزيرة العربية ثم العالم بأسره ولم يداهن يوماً في عقيدته فمنذ الوهلة الأولى كان الأمر واضحاً جلياً ، قال تعالى : (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ( 1 ) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ( 2 ) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ( 3 ) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ ( 4 ) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ ( 5 ) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ( 6 )) ، ولم يبهرهم بإدعاء أنه سلطاناً أو أنه غير بشري ، بل (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ) ، بل ولم يستجب مرة واحدة لطلبهم للخوارق .
وإليكم صور من الواقع الأليم قبل الإسلام ، كانت قريش تسمي نفسها (الحمس) وتفرض لها خقوقاً وامتيازات ليست لغيرها فكانوا يقفون بالمزدلفة حين يقف الناس بعرفات ولا يطوف الحجاج بالبيت إلا بأثواب مشتراه من قريش وإلا طافوا عراه ، وكانت السياسة الساسانية في إيران أن يقتنع كل فرد بمركزه الحالي ولا يحاول التطلع لغيره ولا يتخذ حرفة مختلفة عن حرفة نسبه ، وكانت الأكاسرة ملوك الفرس يدعون أنه يجري في عروقهم دم إلهي ويراهم الناس أنهم فوق البشر وفوق القانون ويتوارثون ذلك الملك حتى لو كان لطفل أو لامرأة المهم ألا يخرج الملك عنهم ، أما نظام الطبقات في الهند فكان من اعنف ما يصنع الإنسان بالإنسان فكانوا يقسمون الناس إلي (البراهمة) وهم رجال الدين ، و(شترى) وهم رجال الحرب ، و(ويش) وهم رجال الزراعة والتجارة ، و(شودر) وهم رجال الخدمة أو الخدم.
6- رصيد التجربة
عندما واجه الإسلام البشرية أول مرة كان يعتمد على رصيد الفطرة وحده لأن الواقع وما فيه من تراكمات جاهلية كان بعيد كل البعد عن المنهج ولم يكن هناك نموذج محدد تم تطبيقه من قبل على البشرية كلها ولكن قدر الله أن يُطبق هذا المنهج على يد جماعة من خيرة خلق الله ويكونوا هذا النموذج الحي وهذه النماذج السامقة لتكون للأمة بعد ذلك مرجعاً إذا أرادت تطبيق هذا المنهج كما كان ثم جاءت بعد ذلك فترات طويلة كان يتفاوت فيها مدى تطبيق هذا المنهج في الحياة ولكنها كانت في كل الأحوال أفضل من المجتمعات المجاورة وقتها التي تأثرت بالإسلام بشكل واضح جداً .
فعلى سبيل المثال ظهرت في سبتمانيا (مقاطعة فرنسية) حركة تدعوا إلي إنكار الاعتراف أمام القس وكان ذلك في القرن الثامن الميلادي أي الثاني والثالث الهجري ، وقامت حركة أخرى تدعو لتحطيم الصور والتماثيل الدينية (Iconoclasts) وذلك في القرن الثامن والتاسع الميلادي أي الثالث والرابع الهجري ، وقد أصدر الإمبراطور الروماني (ليو الثالث) أمراً سنة 726م يحرم فيه تقديس الصور والتماثيل وسنة 730 بأن هذا يعد من الوثنية ، وأيضاً كلوديوس (Claudius) أسقف تورين الذي عُين سنة 828م / 213هـ كان يحرق الصور والصلبان وينهي عن عبادتهما وكان قد تربى في الأندلس الإسلامية ، وكذلك وجدت طائفة من النصارى شرحت عقيدة التثليث بما يقرب من الوحدانية وأنكرت ألوهية المسيح ، حتى الجيوش الصليبية حينما عادت إلي أوربا في القرن الحادي عشر الميلادي جلبت معها تخرر الشعب من الساسة الإقطاعية وإنشاء ما يسمى بالشريعة الواحدة يختكم إليها الحاكم والمحكوم وحرية الاستثمار والترقي في المستوى الإجتماعي وغيرها من مظاهر العدل والمساواة التي لم تكن موجودة من قبل لديهم ، أيضاً تأثير حضارة وجامعات الأندلس العلمية على تاريخ أوربا العلمي القديم والحديث بالكامل بل هي السبب الرئيسي لوجوده أصلاً (انظر كتاب بناء الانسانية لبريفوت وكتاب تجديد التفكير الديني في الإسلام لمحمد إقبال) حتى أن "ردجر بيكون" استقى ما حصله من علم من الجامعات الإسلامية في الاندلس بعد تعلمه العربية .
7- خطوط مستقرة
· إنسانية واحدة
بالرغم من تراجع المنهج الإسلامي عن صدارة القيادة العالمية في العصر الحالي إلا أنه خط خطاً عريضاً فيما يخص نبذ العصبية القبلية أو جنس أو لون وإن كان هذا يحدث أحياناً ولكن تظهر هذه العصبية وتختفي لأنها ليست الأصل حيث جاء الإسلام ليقول للناس إن هناك إنسانية واحدة ترجع لأصل واحد وتتجه إلي إله واحد .
· إنسانية كريمة
قال الإسلام كلمته المدوية إن كرامة الإنسان متمدة من إنسانيته ذاتها وكان هذا ليس مجرد كلاماً نظرياً فقد رأيناه مطبقاً بالفعل في عصر الخلفاء الأربعة وأبرز هذا التطبيق قصة ابن القبطي وابن عمرو بن العاص فاتح مصر ومعظم من يستشهد بالقصة يدلل بها على عدل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولكن الأمر أوسع من هذا فالذي دفع والد هذا الفتى القبطي ليقطع كل هذه المسافة ليطلب حقه هو مااستقر في نفسه من إنسانية كريمة جلبها له الإسلام بعد سياط الرومان على ظهره .
·
أمة واحدة
جاء الإسلام ليربط بين الناس عل أساس أشرف خاصية يختص بها الإنسان عن غيره وهي العقيدة ، فبعد أن كان الناس يجتمعون على أرض أو جنس أو لون أو تجارة جاء الإسلام ليهدم هذه المذهبية ويعلن أنه هناك حزبين لا ثالث لهما وهما حزب الله وحزب الشيطان ، وحتى إن كانت البشرية تعود إلي هذه المذهبية إلا أنها لا تنكر أن الأمة الواحدة من الممكن أن تتجمع على عقيدة واحدة .
·
انتهى النقل..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق