من فرائد هذا الزمان أن النخب المزعومة فيه صارت تظهر وتحترق في وقت أقل، مقارنة بما سبق، فلم يعد الناس ينتظرون أربعين سنة ليكتشفوا أن نصف الشريف وضيع، وأن نصف الضمير ماسحة أحذية بالكذب، وأن البله والجبن لا يبرران عبادة الأصنام وسوق الناس للنخاسة والاغتصاب واعتقاد الجاهل في نفسه أنه حكيم، ويكتشف الناس أن علامات الاستفهام التي كانوا يبتلعونها ويبررونها حول رموز بدت كبرق خلب، وكانوا يخادعون أنفسهم بشأنها لم تكن إلا بصائر وآيات للمتوسمين ولأولي الألباب، لكنهم أعرضوا عنها باندفاع عاطفي وبهوى مؤثر للدعة و"لنصف الجهد والمشقة" نحو المخلص والمنقذ والرفيق والخلاص العاجل... وكم خادعوا أنفسهم باتباع العقل للمشاعر السطحية، وتنزيله الشيء في غير محله لأدنى مشابهة، واحتراق هؤلاء الذكران وأولئك النسوة قبل نضجهم واستوائهم أتى بسبب عوامل كثيرة مآلها مسار الوضوح العالمي والمحلي...فتجعلهم هم وزارعيهم أو مطعميهم في موطن ضعف، حيث يضطرهم مشغلوهم للتلميع المبتذل وللذب عنهم بإسفاف فهم في الرمق الأخيرولا بديل لبيع الخاصة "لم يبق إلا أنا وأنت يا مولاي"...فينتهون....كأنها لعنة فكر الحداثة الغربي، نخب مثل الوجبات السريعة والقصائد الملفقة سريعة الذوبان والموضات المتوترة سريعة التبديل والقيم العابرة...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق