بالعلم والمعرفة المتسعة العميقة، التي يحققها التزود من نور القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة-صلى الله على صاحبها وسلم-ويتممها التفكر والسؤال والتدبر والسير والنظر،
وبالامتثال التام لمراد الله تعالى، وبالمكابدة..
المكابدة للسعي والبلاء وللنفس والرخاء على حد سواء
بكل هذا تصل إلى الحقيقة واليقين، أو بالأحرى ترزق الحقيقة واليقين، فتفهم وتدرك- ولا تحيط- معاني التنزيل، المعاني التي لا يغني وصفها عن ذوقها، كالتسبيح والتنزيه والثناء والتمجيد، وهي تفوح عطرا مع البذل والدم والعرق والفقد ولحظات الاختيار والصبر، وساعات الختام وانكشاف الحقيقة، فتنشأ أنت نشأة أخرى، وتفهم شيئا جميلا جليلا آخر عن ربك، ثم عن نفسك وحجمك وموازين الكون ونهاياته ومآلاته، وتبصر بطريقة مختلفة، وتقيس الأوضاع والأزمان بموازين مختلفة، وتصبح شخصا آخر، ليس فقط في ظاهرك وممارساتك من طعامك لجليل غاياتك، بل في باطنك وحسك وشغاف قلبك وحنايا نفسك ولغتك الداخلية
وهكذا انتقل الجيل الأول من الذين آمنوا؛ المذكورون في سورة المزمل، انتقلوا بالتزود من القرآن والامتثال..
بصبر النهار وتهجد الليل، إلى مقام الحب الكبير والرضا وامتزجت نفوسهم بمعاني الذكر الحكيم، وارتقوا ببشريتهم حتى خوطبوا وعوتبوا عتاب الخواص!
وبين الحق نعمته عليهم
"ومن يؤمن بالله يهد قلبه"..
ومن ثم بات أعلاهم في اليقين كأبي بكر الصديق رضي الله عنه مثالا للطمأنينة والثبات على النهج وفي القلب، فقد أيقن واستقر
"عبدًا ربانيًا"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق