مختارات من إحدى وصايا الجاحظ، لنفسي أولا .. :
* وهب الله لك حب الاستماع، وأشعر قلبك حسن التبين
وجعل أحسن الأمور فى عينك، وأحلاها في صدرك، وأبقاها أثرا عليك في دينك ودنياك، علما تقيده،
وضالا ترشده، وبابا من الخير تفتحه
وأعاذك من التكلف، وعصمك من التلون
ونزهك عن الفضول، وعرفك سوء عاقبة المراء.
فاجعل محاسبة نفسك صناعة تعتقدها، وتفقد حالاتك عقدة ترجع إليها،
حتى تخرج أفعالك مقسومة محصلة، وألفاظك موزونة معدلة، ومعانيها مصفاة مهذبة،
ومخارج أمورك مقبولة محببة.
فمتى كنت كذاك كانت رقتك على الجاهل الغبي بقدر غلظتك على المعاند الذكي،
وتحب الجماعة بقدر بغضك للفرقة
وترغب في الاستخارة والاستشارة بقدر زهدك في الاستبداد واللجاجة
وتبدأ من العلم بما لا يسع جهله، قبل التطوع بما يسع جهله.
ولا تلتمس الفروع إلا بعد إحكام الأصول
ولا تنظر في الطرف والغرائب، وتؤثر رواية الملح والنوادر، وكل ما خف على قلوب الفراغ،
وراق أسماع الأغمار، إلا بعد إقامة العمود، والبصر بما يثلم من ذلك العمود
ناس من أهل الكلام نظروا في الجزء والطفرة والمداخلة .. قبل أن ينظروا في التوحيد والعدل!
والآجال والأرزاق!.
وسئل بعض العلماء عن بعض أهل البلدان فقال: «أبحث الناس عن صغير، وأتركهم لكبير!» .
وسئل عن بعض الفقهاء فقال: أعلم الناس بما لم يكن، وأجهلهم بما كان.
وأنا أحذرك اللجاج والتتايع، وأرغب إلى الله لك في السلامة من التلون والتزيد،
ومن الاستطراف والتكلف؛ فإن اللجاج لا يكون إلا من خلل القوة، وإلا من
نقصان قد دخل على التمكين..واللجوج في معنى المغلوب
وليس الاعتراض من صفة اللجاج، وقد يكون الاعتراض محمودا ومذموما ولا يكون اللجاج إلا مذموما.
والتلون: أن يكون سرعة رجوعه عن الصواب كسرعة رجوعه عن الخطاء واللجاج،
وأن يكون ثبات عزمه على إمضاء الخطأ كثبوت عزمه على إمضاء الصواب النافع.
... وبالله التوفيق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق